سورة طه - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (طه)


        


{إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ} فإن قيل: كيف قالوا هذا، وقد جاءوا مختارين يحلفون بعزة فرعون أن لهم الغلبة؟.
قيل: روي عن الحسن أنه قال: كان فرعون يكره قوما على تعلم السحر لكيلا يذهب أصله، وقد كان أكرههم في الابتداء.
وقال مقاتل: كانت السحرة اثنين وسبعين، اثنان من القبط وسبعون من بني إسرائيل، كان فرعون أكره الذين هم من بني إسرائيل على تعلم السحر، فذلك قولهم: {وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ}.
وقال عبد العزيز بن أبان: قالت السحرة لفرعون: أرنا موسى إذا نام، فأراهم موسى نائما وعصاه تحرسه، فقالوا لفرعون إن هذا ليس بساحر، إن الساحر إذا نام بطل سحره، فأبى عليهم إلا أن يتعلموا، فذلك قوله تعالى: {وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ}.
{وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} قال محمد بن إسحاق: خير منك ثوابا، وأبقى عقابا.
وقال محمد بن كعب: خير منك ثوابا إن أطيع، وأبقى منك عذابا إن عصى، وهذا جواب لقوله: {ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى}.


{إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا} قيل: هذا ابتداء كلام من الله تعالى. وقيل: من تمام قول السحرة {مُجْرِمًا} أي: مشركا، يعني: مات على الشرك، {فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا} فيستريح، {وَلا يَحْيَا} حياة ينتفع بها. {وَمَنْ يَأْتِهِ} قرأ أبو عمرو ساكنة الهاء ويختلسها أبو جعفر، وقالون ويعقوب، وقرأ الآخرون بالإشباع، {مُؤْمِنًا} مات على الإيمان، {قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلا} الرفيعة، و{الْعُلا} جمع، و{العليا} تأنيث الأعلى. {جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى} أي: تطهر من الذنوب. وقال الكلبي: أعطى زكاة نفسه وقال لا إله إلا الله.
أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد السمسار، أخبرنا أبو أحمد حمزة بن محمد بن عباس الدهقان، أخبرنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي، أخبرنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أهل الدرجات العلى ليراهم من تحتهم كما ترون الكوكب الدري في أفق من آفاق السماء، وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما» قوله عز وجل: {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي} أي: سر بهم ليلا من أرض مصر، {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ} أي اجعل لهم طريقا في البحر بالضرب بالعصا، {يَبَسًا} يابسا ليس فيه ماء ولا طين، وذلك أن الله أيبس لهم الطريق في البحر، {لا تَخَافُ دَرَكًا} قرأ حمزة {لا تخف} بالجزم على النهي، والباقون بالألف والرفع على النفي، لقوله تعالى: {وَلا تَخْشَى} قيل: لا تخاف أن يدركك فرعون من ورائك ولا تخشى أن يغرقك البحر أمامك.


{فَأَتْبَعَهُمْ} فلحقهم، {فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ} وقيل: معناه أمر فرعون جنوده أن يتبعوا موسى وقومه، والباء فيه زائدة وكان هو فيهم، {فَغَشِيَهُمْ} أصابهم، {مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ} وهو الغرق. وقيل: غشيهم علاهم وسترهم بعض ماء اليم لا كله.
وقيل: غشيهم من اليم ما غشيهم قوم موسى فغرقهم هم، ونجا موسى وقومه. {وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى} أي: ما أرشدهم، وهذا تكذيب لفرعون في قوله: {وما أهديكم إلا سبيل الرشاد} [غافر: 29].. قوله عز وجل: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ} فرعون، {وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الأيْمَنَ وَنزلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى} {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} قرأ حمزة والكسائي: {أنجيتكم}، و{واعدتكم}، و{رزقتكم} بالتاء على التوحيد، وقرأ الآخرون بالنون والألف على التعظيم، ولم يختلفوا في {وَنزلْنَا} لأنه مكتوب بالألف.
{وَلا تَطْغَوْا فِيهِ} قال ابن عباس: لا تظلموا. قال الكلبي: لا تكفروا النعمة فتكونوا طاغين.
وقيل: لا تنفقوا في معصيتي.
وقيل: لا تدخروا، ثم ادخروا فتدود، {فَيَحِلَّ} قرأ الأعمش، والكسائي: {فيحل} بضم الحاء {ومن يحلل} بضم اللام، أي: ينزل، وقرأ الآخرون بكسرها أي: يجب، {عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى} هلك وتردى في النار.

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11